دعا نوحٌ الحيوانات مرّةً فركبت السّفينة، وقضى تسعمئة وخمسين سنةً يدعو النّاسَ إلى الله فاختاروا الغرق! القضيّة باختصار: غريزة سليمة أفضل من عقل مريض.
الإنسانُ يُحرّكه العقل والحيواناتُ تُحرّكها الغرائز، ومنذ بدءِ الخليقةِ إلى اليومِ حافظت الحيواناتُ على غرائزها سليمة، وحتى الذين يُدافعون عن المثليّةِ الجنسيّةِ على أنها غريزةٌ طبيعيّة، لم يستطيعوا أن يثبتوا حالة شذوذٍ واحدةٍ عند الحيوانات! فمذ وُجدت الحيواناتُ على الأرضِ والثيرانُ تميلُ إلى الأبقار، والجِمالُ تميلُ إلى النّوق، والأسودُ تميل إلى اللبؤات، والخِرافُ تميلُ إلى النّعاج، والحميرُ تميلُ إلى الإتان ... أمّا البشرُ فعندما تمرضُ عقولُهم تفسدُ غرائزُهم فيفعلون ما تأنفُ الحيواناتُ أن تفعله!
الأرضُ زاخرةٌ بالعُلوم، فالسيكولوجيا هو علم النّفس، والأيكولوجيا هو علم البيئة، والأيدلوجيا هو علم الأفكار، والبيولوجيا هو علم الأحياء، والباثولوجيا هو علم الأمراض، والميتورولوجيا هو علم الأرصاد، والراديولوجيا هو علم الأشعة، والجيولوجيا هو علم الأرض، والسيسيولوجيا هو علم الاجتماع، أمّا "الجحشنلوجيا" فهو علم تحوّل الإنسان إلى جحش! وهذه الشهادة لا يتمّ الحصول عليها من الجامعات وإنما هي اجتهاد شخصيّ من الإنسان! وهي غير مقتصرة على فئة محددة في المجتمع، فقد يشترك فيها رئيسُ الجمهورية مع عامل النّظافة، ودكتور الجامعة مع النّجار، والطبيبُ مع الحدّاد، والمهندسُ مع البقّال، والمفتي مع الملحد! فلا تغرّنك الثّياب الأنيقة، ولا يرقّ قلبك للثياب الرّثة! ولا تفتنك الشّهادات الجامعيّة، ولا تشفق على الأُميّة، يستطيعُ أي إنسان ممارسة "الجحشنلوجيا" في مجاله!
عندما يعرفُ الجيل عن ميسي أكثر مما يعرفون عن عمر بن الخطاب، وعن شاكيرا أكثر مما يعرفون عن خديجة بنت خويلد، وعن المتأهلين للمرحلة النهائية من أرب آيدول أكثر مما يعرفون عن شهداء غزوة مؤتة فهي الجحشنلوجيا
عندما يُضربُ الأبُ، وتُهانُ الأمُّ، فهي الجحشنلوجيا!
عندما يبيعُ الأبُ ابنته لمن يدفعُ مهراً أكثر فهي الجحشنلوجيا!
عندما يأكلُ الأخُ حقّ أخواته في الميراث فهي الجحشنلوجيا!
عندما تُحوّلُ المرأةُ من زوجة إلى جارية، ومن رفيقة درب إلى وعاء إنجاب، ومن إنسان إلى أثاث فهي الجحشنلوجيا!
عندما يقفُ المفتي مع الحاكم ضدّ الله فهي الجحشنلوجيا!
عندما يُؤكل الرّبا باسم الفائدة، ويُشربُ الخمرُ باسم المشروبات الرّوحية، ويُخلع الحجابُ باسم الحضارة، فهي الجحشنلوجيا!
عندما يكتبُ الدكتور المشرفُ للطالب رسالة الماجستير أو أطروحة الدكتوراه لأجل حفنة دولارات فهي الجحشنلوجيا!
عندما تطعنُ فتاةً في قلبها بلا ذنبٍ ارتكبته سوى أنها توسمت فيك خيراً ووثقت بك فهي الجحشنلوجيا!
عندما يصفُ الطبيبُ دواءً لمريضٍ فقط لأن شركة الأدوية تعطيه مقابلاً على هذا فهي الجحشنلوجيا!
عندما يبيعُ المهندسُ ذمّته للمقاول فهي الجحشنلوجيا!
عندما تُزوّر الحقائق، ويُصبح الإعلام عبداً للسُّلطة فهي الجحشنلوجيا!
عندما تُبادُ الشعوبُ على الهواء مباشرة دون أن يرفّ للدول المتحضّرة جفن فهي الجحشنلوجيا!
عندما يهجمُ الفصيلُ المسلمُ على الفصيل المسلم وكلاهما يصرخُ: الله أكبر، فهي الجحشنلوجيا!
عندما يُغيّر البقّال تاريخ المواد الغذائيّة على السّلع فهي الجحشنلوجيا!
عندما لا نحصل على وظيفة إلا بالواسطة، وسرير في المستشفى إلا بالواسطة، فالدولة تمارس الجحشنلوجيا!
عندما يتخرّجُ الأولادُ من الجامعات بدرجات التقدير وهم لا يحفظون المعوّذات فهي الجحشنلوجيا!
عندما يعرفُ الجيل عن ميسي أكثر مما يعرفون عن عمر بن الخطاب، وعن شاكيرا أكثر مما يعرفون عن خديجة بنت خويلد، وعن المتأهلين للمرحلة النهائية من أرب آيدول أكثر مما يعرفون عن شهداء غزوة مؤتة فهي الجحشنلوجيا!